أخبار وتقارير

يمنيون يرتگبون جرائم مروعة بحق مهاجرين ومهاجرات أثيوبيات

المستقلة خاص ليمنات

قصص مؤلمة ومشاهد مروعة أبطالها عصابات التهريب اليمنية وتجار الرقيق، وضحاياها فتيات وشباب قدموا من القرن الأفريقي، وتحديداً من أثيوبيا، فارين بأنفسهم من جحيم الظروف الاقتصادية الصعبة باحثين لهم ولعوائلهم عن مكان يؤمنهم من شبح الفقر والمعاناة، سواء في اليمن أو في غيرها من دول الخليج، لكن حالهم كان كالمستجير بالنار من الرمضاء..

 انتهاكات تفوق الوصف، يتعرض لها المهاجرون بمجرد أن يلقي بهم المهربون الأفارقة في مياه الشواطئ اليمنية، لتقذف بهم الأمواج إلى الساحل حيث يستقبلهم أزيز الرصاص التي يطلقها المهربون اليمنيون في الهواء لإرهاب من يحاولون الهرب.

روى عدد من الضحايا مشاهد مقززة لشبكة إيرين الإنسانية بقولهم: إنهم تعرضوا لها عند وصولهم إلى شاطئ باب المندب، بعد رحلة بحرية محفوفة بالمخاطر يموت فيها المئات غرقاً.. يستقبلهم المهربون ومن بينهم رجال عصابة مهرب كبير يدعى “عبدالقوي” بإطلاق النار في الهواء، ليجمعوهم على شكل قطعان بشرية ويقومون بضرب الرجال وتعذيبهم واغتصاب النساء على الساحل بطريقة وحشية وبشعة..

 

تحكي الفتاة الأثيوبية “عليمة”- 18 عاماً، رحلتها بين الخوف والألم، تسرد تفاصيل العذاب الذي يتعرض له نحو 80 ألفاً اثيوبياً وأثيوبية كل عام وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.. هربت عليمة من أثيوبيا إلى جيبوتي بعد أن اتهمتها الحكومة بالانتماء إلى جبهة تحرير “أورومو”- المحظورة، ظلت تعمل في جيبوتي لمدة عام إلا أن عصابات السرقة كانت تصادر كل ما تحصل عليه من مال، قررت الرحيل إلى اليمن فدفعت أكثر من مائة دولار لأحد السماسرة مقابل نقلها إلى جزيرة تدعى “هايو” تمهيداً للانتقال إلى اليمن على متن أحد القوارب، وفي الجزيرة تعرضت ضمن مجموعة من النساء للضرب والاغتصاب من قبل المهربين الذين طلبوا المزيد من المال، ثم ركبت القارب متجهة نحو اليمن، كانت تعتقد أنها ودعت جحيم أفريقيا لتعيش في جنة اليمن، وصلت إلى الشواطئ الواقعة شمال باب المندب على متن قارب يحمل إلى جانبها 120 مهاجراً من النساء والرجال، تقول عليمة في وصفها للحظة الوصول التي لن تنساها: “بعد تسليمنا إلى المهربين اليمنيين، قام رجال العصابات باغتصاب معظم النساء، وعذبوا الرجال وضربوهم لابتزاز المزيد من المال.. كانوا يبيعون النساء غير القادرات على دفع المال إلى أشخاص يقومون بإرسالهن للعمل كخادمات في المنازل اليمنية، وكنت أنا واحدة ممن تم بيعهن، وقد اشتراني أحد الأشخاص وأرسلني إلى رداع، وهناك عملت في تنظيف المنازل لمدة ثلاثة أشهر قبل أن انتقل إلى صنعاء..”

انتهاك جماعي في الشواطئ اليمنية

ولكي تبدو المأساة أكثر وضوحاً، ننقل ما روته مهاجرة اثيوبية أخرى تدعى “مارتا” وهي امرأة في الثلاثينيات من عمرها، وهي الأخرى غادرت بلادها بعد اتهام أسرتها بالتعاون مع منظمة محظورة، تفرقت السبل بالعائلة، ومنذ تلك اللحظة لم تعد “مارتا” تعلم عن عائلتها شيئاً، استقرت في جيبوتي لمدة عام وأنجبت طفلتها الأولى التي اختفى والدها أيضاً، لذلك قررت الهجرة إلى اليمن فربما تكون أكثر أمناً، أو على الأقل تكون طريقاً إلى بلدان الخليج النفطية، دفعت ما يزيد عن خمسين دولاراً لأحد المهربين مقابل السفر إلى اليمن برفقة 15 شخصاً آخرين، على متن أحد القوارب المخصصة للتهريب، كانت الرحلة البحرية ليلاً، وقد ألقى بهم صاحب المركب قرب الشواطئ اليمنية بعيداً عن الساحل رغم عدم معرفتهم بالسباحة ومع ذلك كتب لهم القدر الوصول إلى الشاطئ، وهناك كانت مأساة كبرى في انتظارهم، تصف “مارتا” تلك اللحظات المؤلمة بقولها: “عندما وصلنا الى الشواطئ اليمنية كان هناك مجموعة من الرجال الذين قاموا باغتصابي واغتصاب النساء الأخريات اللاتي بجانبي، وأنا الآن حامل بسبب تلك الليلة”، عملت مارتا خدامة في أحد منازل صنعاء غير أن الحمل جعلها غير قادرة على مواصلة العمل، واكتفت هي وجنينها وابنتها الأولى بما يجود به مهاجرون اثيوبيون في صنعاء لإعالتهن.

تعذيب متواصل لمدة خمسة أيام

لم تقتصر معاناة المهاجرين الاثيوبيين في اليمن على النساء فقط، فالرجال أيضاً تعرضوا لأبشع جرائم التعذيب والاعتداء الجسدي والنفسي بعد ان سلب كل ما بحوزتهم من نقود، ومن هؤلاء الضحايا مهاجر اثيوبي يدعى “مسفن” 38 عاماً، دفع ما يزيد عن 70 دولاراً مقابل تهريبه إلى اليمن، عبر قارب صيد صغير تم حشر نحو 80 راكباً على متنه، يحكي “مسفن” جزءاً من رحلة العذاب التي عاشها قائلاً: “قرب الشواطئ اليمنية، سمعت سماسرة المراكب يتصلون برجال المهرب اليمني “عبدالقوي” الذين استقبلونا قرب المخاء، وبدأ أفراد هذه العصابة عند وصولنا بضرب الرجال واغتصاب معظم النساء على الشاطئ، ثم أخذوني مع بعض الرجال والنساء إلى مركز احتجاز سري مخصص للمهاجرين، وهو يشبه السجن، كانوا يعذبون المهاجرين بوحشية حتى يتم تحويل المال من أقربائهم أو أصدقائهم للمهربين ولا يحصل أي مهاجر على المساعدة إلا بعد أن يقنع أحد معارفه بتحويل المال، وفي هذا السجن تم اغتصاب النساء، أما أنا فقد تعرضت للتعذيب لمدة خمسة أيام، وفكوا وثاقي لأنني كنت مكلفاً بإطعام الآخرين، لكنني تمكنت من الهرب إلى تعز، ومنها إلى صنعاء، وأنا لا أريد الآن سوى أن أعمل لأحصل على مبلغ استطيع به العودة إلى اثيوبيا للبحث عن أقاربي”.

غرزوا الحديد الساخن في عيون المهاجرين

لم تنته رحلة الألم بعد، فلدى “ياسين” الشاب الاثيوبي البالغ من العمر 23 عاماً من المآسي ما تقشعر له الأبدان حيث يقول إنه جاء على متن قارب صغير برفقة 45 مهاجراً حملهم ليلاً إلى الشواطئ اليمنية، يقول ياسين- وهو يرصد فصولاً من العذاب والاعتداءات التي يمارسها المهربون اليمنيون- “عندما كنا نخوض الماء نحو الشاطئ أطلق بلاطجة عبدالقوي النار في الهواء لإرهابنا، ثم وضعونا في شاحنات، وأخذونا إلى سجن الاحتجاز للاستيلاء على المال، ورغم أنهم أفرجوا عني لأني أعرف عدة لهجات واستخدموني كمترجم، إلا أن ما رأيته كان مؤلماً جداً.. لقد رأيتهم يغتصبون النساء، ويعلقون الرجال من أيديهم، ويضربونهم بقضبان من حديد، ومواسير شديدة السخونة، وكانوا يطلقون النار على أصابع أيدي بعض المهاجرين وأصابع أرجلهم، وغرزوا شظايا معدنية ساخنة في عيونهم، وكانوا يسخنون البلاستيك حتى يصبح سائلاً شديد الحرارة وهو يغلي ثم يصبونه على اجساد هؤلاء المهاجرين”..

يمارس المهربون وعصاباتهم وتجار البشر اصناف العذاب بحق لاجئين لا حول لهم ولا قوة، قادتهم قسوة الظروف إلى شواطئ اليمن، تماماً مثلما قادت الأقدار مئات آلاف اليمنيين نحو دول الجوار.. فهل هو قدر مشترك أن يكون العذاب نصيبهم جميعاً.. أم هناك وجهة نظر أخرى للمأساة.

زر الذهاب إلى الأعلى